.... يقف كل يوم تحت شرفة منزلي ,, ويحدق في الشرفة ,, في يديه صحيفة ,, يرسم الابتسامة على شفتاه للمارة الذين يتضايقون من وجوده كل يوم في هـذا المكان ,,,
أشعر أن بابتسامة مكر ,, وأن عيناه واجهة زجاجية تعكس الخبث
... لهو الناس عنه أو اعتادوا على وجوده في هذا المكان ,, فكان حافزاً له على متابعة مراقبته لي من قريب ,, في يوم من الأيام حبست أنفاسي ,, أسرق خلالها النظرات إليه من خلف شرفتي
,,,وقد تململت وأنا أراقبه ,,
وبدء وقتي ينصرم وها هي عقارب الساعة تقترب من الواحد من منتصف الليل ,, سيطر الخوف علي بشكل لا استطيع أن أخلد إلى النوم ,,, و أطراف أصابعي تتفاعل مع نبض قلبي ,,,
وهاتف في نفسي : رباه .... ماذا يريد هذا العملاق مني ,,,
وأضغط بنفسي على وسادتي وسريري الذي يتسع لأحلامي ,, ودموعي ,, وخوفي ,, ووحدتي المزدحمة ؟؟
في هذه لحظه ... العملاق تزوغ نظراته إلى منزلي الذي أضاف عليه الخوف والعتمة ,,
وفجأة تذكرت أني لم أغلق النوافذ وباب الشرفة ,,, فأخذت أجرر أقدامي التي لم تستطيع الوقوف ,,و خوفي على نفسي هو الدافع الوحيد الذي يساند خطواتي ,,,
وعندما اقتربت من النافذة فإذا بعملاق يترنح في الشارع ضاحكاً!!!!
فقلت في نفسي هذا ما أخشاه!!!
أحملق فيه لتأكد من صحة ما أشاهد ؟؟؟
.....غرزت أقدامي في الأرض ولاحت أمامي أشباح الخوف ,,,
وفجأة أخذ يفتش في جيوبه ... يخرج يداه ,,, يتحسس ذقنه ,, يمسح الغبار العالق في معطفه الفضفاض
... حريص في تصرفاته
حدقت في عيني سطر الخوف والرعب دموع فيها,, فتساقطت دموعي ,,فهويت على الارض محتضنه وسادتي
ليسرق مني الوقت لحظة أمان ,, لليله متباطىء الخطى ,, وأصوات الرياح مزعجه تحط الكوابيس في قلبي ,, الحروف تتقلص من فمي,, صهرني النعاس في لحظة انتظر المصيبه القاصمة ...
وما أن أطل الصباح حتى افتح عيني بكل حذر ,,و أتفحص سريري جيدا لأدرك أني بخير وأشعر بالاطمئنان ,,
واتجه نحو الشرفة وابعد الستار وافتح باب الشرفة وأشاهد انسياب الناس على الطرقات ,,, وأنتعش من لفحت الهواء الباردة ,,, فأقرر أن أخذ طريقي مع زحمة البشر الى العمل بعد أنا أخذ فنجان قهوة ,,,وأنا في طريقي أشاهد مجموعة من الناس قد التفوا حول شخص ساقط على ارض و يصرخوا : ما بك يا أخ ,, يهتف بكلمات ,, فأخذت أقترب منه ,, العملاق ,,طفحت عيناي تعجب من ملامحه !!!
يهتف بسمي ,, والصحيفة في يده ,, وجه شاحب أصفر ,, يملك ملامح جميله ,, رغم خطوط العمر (التجاعيد )
أنا اقف أمام العملاق وأشعر بدوار,, وضحيج ,,تهاوت علي موجة ضباب كثيف
تمر جثة العملاق كالخيال ,,,
يرحل العملاق الى اين لا أعلم !!
يرحل العملاق دون أعرف ماذا كان يريد مني !!
يرحل وهو يردد أسمي !!
يرحل وآهاته الزاخرة بالإحساس الجريح !!! حـتى تمـلا المكان أنين
يرحل وهو يذوب مع أصوات الرياح
يرحل ليصهر سر معرفة لي وخوفي منه في بوتقة البؤساء
يرحل على أجنحة الغربة وترميه بين أجواء المجهول
يرحل العملاق ولكـن !!!